Yazar Adı : | İlim Dalı : Siyret |
Konusu : | Dili : Arabça |
Özelliği : | Makale Türü : |
Ekleyen : Fıkıh Dersleri/2014-09-21 | Güncelleyen : /0000-00-00 |
دعوى اغتصاب أبي بكر ميراث فاطمة، وهجرها له حتى ماتت(*)
مضمون الشبهة:
يزعم بعض المتقولين أن أبا بكر - رضي الله عنه - غصب ميراث فاطمة رضي الله عنها ويستدلون على ذلك بحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الذي تقول فيه: «إن فاطمة رضي الله عنها سألت أبا بكر بعد وفاة أبيها أن يقسم ميراثها، ولكنه رفض وأخبرها بما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في ميراث الأنبياء إذا ماتوا، فما كلمته حتى ماتت»، متوهمين أن في قول السيدة عائشة عن فاطمة أنها «لم تكلمه حتى ماتت» دليل على أنها خاصمته مخالفة بذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث...». رامين من وراء ذلك إلى اتهام أبي بكر بأكل أموال الناس بالباطل، واتهام فاطمة بمخالفة نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - طاعنين بذلك في عدالتهما.
وجها إبطال الشبهة:
1) إن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - لم يعط السيدة فاطمة مما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا لقوله صلى الله عليه وسلم: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة»، وطلب السيدة فاطمة ذلك كان لعدم علمها بهذا الحديث.
2) إن قول الراوي: «فما كلمته حتى ماتت» يقصد أنها لم تكلمه في قضية ميراثها؛ وليس كما يزعمون (أنها غضبت منه وهجرته) فقد كانت على علاقة طيبة به بعد ذلك بدليل زيارته لها واسترضائها فرضيت.
التفصيل:
أولا. امتثال الصديق لأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في عدم توريث ماله:
لقد منع الصديق ميراث السيدة فاطمة تطبيقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نورث، ما تركناه فهو صدقة»([1])، وتفصيل ذلك أنه عندما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له مال في الفيء وريع يأتيه من خيبر وفدك، فأما خيبر فقد روى أبو داود بإسناد إلى سهل بن أبي حثمة قال: «قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر نصفين: نصفا لنوائبه وحاجته، ونصفا بين المسلمين: قسمها بينهم على ثمانية عشر سهما»([2])، "وأما فدك، وهي: بلد بينها وبين المدينة ثلاث مراحل، وكان من شأنها ما ذكر أصحاب المغازي قاطبة أن أهل فدك كانوا من يهود، فلما فتحت خيبر أرسل أهل فدك يطلبون من النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمان على أن يتركوا البلد ويرحلوا، وروى أبو داود من طريق ابن إسحاق عن الزهري وغيره قالوا: بقيت بقية من خيبر تحصنوا، فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحقن دماءهم ويسيرهم ففعل، فسمع بذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك، وكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة"([3]).
وعلى هذا فقد أتت فاطمة والعباس أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهما حينئذ يطلبان أرضه منه، فدك وسهمه من خيبر، فقال لهما أبو بكر:«إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا نورث، ما تركناه صدقة...»([4]).
هذ ما فعله أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - مع فاطمة رضي الله عنها امتثالا لقوله - صلى الله عليه وسلم - لذلك قال الصديق: «لست تاركا شيئا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعمل به إلا عملت به، وقال: والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنعه فيه إلا صنعته»([5]).
فكان أبو بكر - رضي الله عنه - في صنيعه هذا متبعا لا مبتدعا، وهذا ما أجمع عليه أهل السنة قاطبة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولم يتنازع السلف في أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يورث؛ لظهور ذلك عنه واستفاضته في أصحابه"([6]).
والصديق اعتذر إلى فاطمة بعذر يجب قبوله، وهو ما رواه عن أبيها صلى الله عليه وسلم: «لا نورث، ما تركنا فهو صدقة، وكان خافيا عليها قبل أن يعلمها، كما كان خافيا على أمهات المؤمنين لما أردن أن يبعثن إلى أبي بكر - رضي الله عنه - يسألنه الميراث، فأخبرتهن به عائشة فوافقنها عليه»([7]).
ولا يظن بفاطمة رضي الله عنها أنها اتهمت الصديق - رضي الله عنه - فيما أخبرها به فحاشاها من ذلك، بل لقد روى بعض الشيعة أنها رضيت بفعله، وأقرته على صنيعه، فقد ذكر الدنبلي: "أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - قال لها: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذ من فدك قوتك، ويقسم الباقي، ويحمل منه في سبيل الله، ولك علي أن أصنع بها كما كان يصنع، فرضيت بذلك، وأخذت العهد عليه به"، وبنحو قوله قال ابن ميثم البحراني، والإربلي([8]).
ومما يؤيد ما فعله أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه في يوم من الأيام آلت الخلافة إلى علي - رضي الله عنه - فلم يعدل بها عما فعله أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
فلماذا لم يقسم علي - رضي الله عنه - تركة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين ورثته عند توليه الخلافة؟ ولماذا ترك أرض فدك فلم يأخذها، مع أنها حق ثابت لفاطمة رضي الله عنها كما يزعمون؟
الجواب: أن ذلك لشيء يسير: هو أنه - رضي الله عنه - كان يرضى بما فعله أبو بكر، كما كانت ترضى السيدة فاطمة رضي الله عنها بما فعله.
ومن ثم فإن ما قاله المغرضون قول باطل وافتراء لا يعقله عاقل؛ لأن أبا بكر ما فعل ذلك إلا تنفيذا لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن الأنبياء لا يورثون ما تركوه صدقة، وقد قبلته السيدة فاطمة بكل رضا وتسليم، وعندما سألت أبا بكر ميراثها كان لعدم علمها بهذا الأمر النبوي.
ثانيا. علاقة السيدة فاطمة بأبي بكر رضي الله عنهما بعد هذه الحادثة:
لقد تركت السيدة فاطمة رضي الله عنها منازعة الصديق - رضي الله عنه - لما احتج عليها بالحديث، وهذا أدل على أنها أقرته على ما فعل؛ قال القاضي عياض: "وفي ترك فاطمة منازعة أبي بكر بعد احتجاجه عليها بالحديث - التسليم للإجماع على قضية، وأنها لما بلغها الحديث وبين لها التأويل تركت رأيها، ثم لم يكن منها ولا من ذريتها بعد ذلك طلب ميراث ولم يثبت ذلك، ثم ولي علي الخلافة فلم يعدل بها عما فعله أبو بكر وعمر رضي الله عنهما"([9]).
وقال ابن قتيبة: "وأما منازعة فاطمة أبا بكر رضي الله عنهما في ميراث النبي - صلى الله عليه وسلم - فليس بمنكر؛ لأنها لم تعلم ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وظنت أنها ترثه كما يرث الأولاد آباءهم، فلما أخبرها أبو بكر بقوله - صلى الله عليه وسلم - كفت"([10]).
وقد ظن الطاعنون أن الراوي عندما ذكر: «فما كلمته حتى ماتت»، أنها قد خاصمته وهجرته، والصحيح أن فاطمة ما عادت تكلمه في شأن هذا الميراث حتى ماتت، ويؤيد ذلك أنها كانت على علاقة طيبة جدا بعائشة رضي الله عنها وأن عائشة رضي الله عنها كانت تسألها وتلح في السؤال عليها لتعرف ما تريد من جانبها([11]).
فما استدل به في الرواية على أن فاطمة رضي الله عنها غضبت وهجرت الصديق حتى ماتت - استدلال بعيد جدا لعدة أدلة منها:
1. ما رواه البيهقي من طريق الشعبي قال: «لـما مرضت فاطمة رضي الله عنها أتاها أبو بكر - رضي الله عنه - فاستأذن عليها، فقال علي رضي الله عنه: يا فاطمة، هذا أبو بكر يستأذن عليك، فقالت: أتـحب أن آذن له؟ قال: نعم، فأذنت له، فدخل عليها يترضاها، وقال: والله، ما تركت الدار والمال والأهل والعشيرة إلا لابتغاء مرضاة الله ومرضاة رسوله ومرتاتكم أهل البيت، ثم ترضاها حتى رضيت»([12]).
وبهذا يزول الإشكال الوارد في تمادي فاطمة رضي الله عنها لهجر أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - كيف وهو القائل: «والله لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي من أن أصل قرابتي»([13])، وما فعل - رضي الله عنه - ذلك إلا امتثالا واتباعا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2. إن فاطمة انشغلت عن كل شيء بحزنها لفقدها أكرم الخلق، وهي مصيبة تزري بكل المصائب، كما أنها انشغلت بمرضها الذي ألزمها الفراش عن أي مشاركة في أي شأن من الشئون، فضلا عن لقاء خليفة المسلمين المشغول كل لحظة من لحظاته بشئون الأمة، وحروب الردة وغيرها، كما أنها كانت تعلم بقرب لحوقها بأبيها، فقد أخبرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنها أول من يلحق به من أهله([14])، ومن كان في مثل علمها لا يخطر بباله أمور الدنيا، وما أحسن قول المهلب الذي نقله العيني: ولم يرو أحد، أنهما التقيا وامتنعا عن التسليم، وإنما لازمت بيتها، فعبر الراوي عن ذلك بالهجران([15]).
وأما ما زعمه الشيعة من كون فاطمة غضبت على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ودعت عليهما، وأوصت ألا يعلما بموتها، ولا يحضرا دفنها ولا يصليا عليها، وأن عمر هم بنبش قبرها كي يصلي عليها - فكله مما لا يقول به عاقل، وغاية القول فيه أنه بهتان مبين.
وإنما الذي ورد أن فاطمة رضي الله عنها هجرت أبا بكر ولم تكلمه، وقد ذكر العلماء أن هذا ليس من الهجران المحرم الذي هو ترك السلام والإعراض عند اللقاء، وإنما هو الانقباض عن الكلام([16]).
هذا ومن الثابت تاريخيا أن أبا بكر دام أيام خلافته يعطي أهل البيت حقهم في فيء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، ومن أموال فدك وخمس خيبر، إلا أنه لم ينفذ فيها أحكام الميراث، عملا بما سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد روى عن محمد بن علي بن الحسين المشهور بمحمد الباقر، وعن زيد بن علي أنهما قالا: إنه لم يكن من أبي بكر - فيما يختص بآبائهم - شيء من الجور أو الشطط، أو ما يشكونه من الحيف أو الظلم([17]).
ولما توفيت فاطمة رضي الله عنها بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بستة أشهر - على الأشهر - وكان - صلى الله عليه وسلم - عهد إليها أنها أول أهله لحوقا به، وقال لها: «أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة»([18]).
وذلك ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة. وعن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين، قال: ماتت فاطمة بين المغرب والعشاء، فحضرها أبو بكر وعمر وعثمان والزبير وعبد الرحمن بن عوف، فلما وضعت ليصلي عليها، قال علي: تقدم يا أبا بكر، قال: وأنت شاهد يا أبا الحسن، قال: نعم، فوالله لا يصلي عليها غيرك؛ فصلى عليها أبو بكر ودفنت ليلا([19])، وجاء في رواية: صلى أبو بكر الصديق على فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبر عليها أربعا([20]).
هذا وقد كانت صلة سيدنا أبي بكر الصديق خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأهل البيت صلة ودية تقديرية تليق به وبهم، وقد كانت هذه المودة والثقة متبادلتين بين أبي بكر وعلي، فقد سمى علي أحد أولاده بأبي بكر، وقد احتضن علي ابن أبي بكر محمدا بعد وفاة الصديق، وكفله بالرعاية، ورشحه للولاية في خلافته حتى حسب عليه، وانطلقت الألسنة بانتقاده من أجله([21]).
وبذلك يتبين أن فاطمة رضي الله عنها عندما علمت بقوله - صلى الله عليه وسلم - في ميراث الأنبياء لم تأخذ موقفا من أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ولم تطالبه به حتى ماتت، وإنما كانت تكلم أبا بكر في أشياء أخرى غيره، ولم تخاصمه كما يزعمون، دلت على ذلك الأحداث الكثيرة التي جرت بينهما قبل وفاتها.
الخلاصة:
· من الثابت تاريخيا أن أبا بكر دام أيام خلافته يعطي أهل البيت حقهم في فيء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، ومن أموال فدك وخمس خيبر، إلا أنه لم ينفذ فيها أحكام الميراث، عملا بما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نورث، ما تركناه فهو صدقة».
· لـما علمت السيدة فاطمة رضي الله عنها بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ميراثه قبلت ذلك ولم تعارضه، وإنما كان طلبها بذلك لعدم علمها بهذا